أخبار الاقتصاد

توقعات تراجع هيمنة الدولار بالأدلة المؤكدة

بشأن توقعات تراجع هيمنة الدولار المؤكدة قام الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بانتقاد كبير لهيمنة الدولار على السوق العالمي وذلك أثناء زيارته إلى شنغهاي، ودعا خلال كلمته على منصة محاطة بأعلام البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، المعروفة بتحالف “بريكس”، الاقتصادات النامية في العالم إلى إيجاد بديل يحل محل الدولار في التجارة الخارجية.

السبب في هيمنة الدولار

وتسائل الرئيس البرازيلي عن السبب في هيمنة الدولار في كلمته على المنصة “من الذي قرر أن الدولار هو عملة (التجارة العالمية) بعد فك الارتباط بالذهب؟”، وهو بذلك يشير إلى السبعينيات من القرن الماضي، التي شهدت انهيار اتفاقية “بريتون وودز” التي تم توقيعها بعد الحرب العالمية الثانية، ومهدت لهيمنة الدولار على مجال التمويل عالمياً.

ورغم انهيار الاتفاقية التي تم توقيعها بعد الحرب العالمية الثانية، “بريتون وودز” إلا أن ذلك لم يغير أو ينقص قوة الدولار، فحتى يومنا هذا، يعتبر العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم، ما أدى إلى زيادة الطلب على السندات الأميركية.

ووفق بيانات صادرة عن بنك التسويات الدولية، تسمح مركزية العملة في نظام المدفوعات عالميا لأميركا بممارسة الهيمنة على المصير الاقتصادي للدول الأخرى، فحوالي 88% من جميع معاملات الصرف الأجنبي عالمياً، تتم بالدولار.

كما أشار بيان بنك التسويات الدولية، إلى أن البنوك التي تتعامل مع التدفقات الدولارية عبر الحدود تحتفظ بحسابات لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يجعلها دائما عرضة للعقوبات الأميركية.

ولا تعتبر العقوبات المالية ضد روسيا الوحيدة التي فرضتها الولايات المتحدة على الدول، حيث استخدمت على مدار سنوات كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية العقوبات ضد دول مثل ليبيا، وسوريا، وإيران، وفنزويلا.

وأدرجت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، نحو 1151 كياناً وفرداً في قائمة العقوبات الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.

وأشار تقرير صدر مؤخراً عن مركز البحوث الاقتصادية والسياسية، إلى ارتفاع العقوبات من 975 في المتوسط خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، و544 خلال فترة ولاية الرئيس الأسبق أوباما.

وفي هذا الصدد، عبر جوناثان وود مدير القضايا العالمية لدى شركة “كنترول ريسكس” (Control Risks) الاستشارية: عن غضب بعض الدول إزاء هيمنة الدولار الأميركي خلال السنوات الماضية.

كما أن العقوبات الأميركية في السنوات الأخيرة تسبب في زيادة هذا الغضب، ويتزامن ذلك مع مطالب الأسواق الناشئة الرئيسية بتوزيع جديد للقوة العالمية.

ومن جانبها، أشارت متحدثة باسم وزارة الخزانة الأميركية، في حوار مع “بلومبرغ”، إلى التعليقات التي أدلت بها وزيرة الخزانة جانيت يلين، وأقرت فيها في إبريل الماضي، أن “استخدام العقوبات المالية المرتبطة بدور الدولار يشكل خطراً كبيراً، ويمكن أن تقوض هيمنة العملة الأميركية مستقبلا”، ولكن في نفس الوقت يُستخدم الدولار كعملة عالمية لأسباب يصعب على الدول الأخرى إيجاد بديل لها بنفس الخصائص”.

ويوافق مراقبو السوق والمستثمرين المتحدثة باسم الخزانة الامريكية،، مشيرين إلى رغم تطلع كثير من الدول إلى تقليص اعتمادها على الدولار، إلا أن قليل منها فقط تتوقع تهديد ذلك لدوره البارز في التجارة والتمويل العالمي في السنوات الماضية.

وأوضح المستثمرون ومراقبو السوق، أنه لا تتوافر دلائل كثيرة على أن أي عملة أخرى يمكن أن توفر نفس مستوى الاستقرار والسيولة والأمان الذي يوفره الدولار الأمريكي.

ولم يبدي أو تزهر الغالبية العظمى من حلفاء الولايات المتحدة في بلدان الاقتصادات المتقدمة، التي تشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي عالمياً، اهتماماً كبيراً في التحول بعيداً عن الدولار.

وعلى أرض الواقع وفي الدول المختلفة وبنوكها، ارتفع الدولار مقابل الجزء الأكبر من العملات الرئيسية منذ تصعيد الولايات المتحدة عقوباتها ضد روسيا العام الماضي، وهو ما يشير إلى أن تدهور الدولار وتراجع قوته بين الدول سيكون بطيئاً ويستغرق وقتاً طويلاً.

وأبدى جورج بوبوراس، المحلل المخضرم في الأسواق منذ ثلاثة عقود ورئيس الأبحاث لدى ” كيه تو أسيت مانجمنت” ( K2 Asset Management) في ملبورن، وجود صعوبة في تراجع الدولار متوقعا صعوبة أن يحل أي أصل مكان الدولار كعملة عالمية مهيمنة خلال الجيل القادم، حيث يرى أنه لا يوجد اقتصاد يضاهي قوة أميركا.

وأشارالمحلل المخضرم في الأسواق، إلى أن دولة الصين تواجه مشكلات بسبب شيخوخة السكان، واليورو يكافح لتحقيق مكاسب حقيقية، وهو ما سيساهم في استمرار قوة الدولار والمحافظة على سيطرته.

ورغم التوقعات، تستمر الدول في تعزيز النفوذ الاقتصادي لـ”بريكس”من أجل العمل على فك الارتباط بالدولار في الدول النامية خاصة، حيث قال وزير الكهرباء الباكستاني، في تصريحات سابقة، إن بلاده تتطلع لسداد قيمة واردات الخام الروسي باليوان.

كما قالت الإمارات العربية المتحدة، إنها تجري محادثات في مرحلة مبكرة مع الهند بشأن سبل تعزيز التجارة غير النفطية بالروبية بدلا من الدولار.

كما ناقش وزراء خارجية مجموعة دول “بريكس” إمكانية تعزيز التكتل لمجموعة بريكس لنفوذه عالمياً، بما في ذلك جدوى إنشاء عملة مشتركة.

كما أكد فيشنو فاراثان رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجية بمصرف “ميزوهو بنك” في سنغافورة، ان وتيرة فك الارتباط بالدولار في المعاملات بين دول العالم تتسارع بلا شك، وهذا الأمر سيستمر لعدة سنوات، فالولايات المتحدة اتخذت قراراً محسوباً باستخدام الدولار في العقوبات، لكن عواقب ذلك قد تظهر على خلال الفترة القادمة.

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى