متابعات و تقارير

مزلقانات الموت .. أحد أضلاع كارثة هيئة السكة الحديد في مصر

تعتبر الهيئة القومية للسكك الحديد هى أكبر المؤسسات الاقتصادية فى مصر والعالم العربى وهى الاكبر فى مجال خدمات النقل سواء ” ركاب أو بضائع ” وتعتبر هى العمود الفقرى لنقل الركاب والبضائع فى مصر ولذا تعتبر مصر هى أول دولة تستخدم هذه الوسيلة على مستوى العالم بعد بريطانيا.

وكان أول من أنشأ الطرق الحديدية هو الخديوى “عباس الاول” وتطورت فى عهد الخديوي “إسماعيل” وبدأ فى عهده دخول القطارات إلى المدن والمحافظات وظلت القطارات تعيش مراحل من التطور حتى وصلت الى ما نحن عليه الان و ارتبط بظهور هذه الوسيلة ظهور المزلقانات وهى تمثل نقاط إلتقاء عبور السيارات والمواطنين مع شبكة السكك الحديد.


فبعد ما نراه خلال اليومين الماضيين من حوادث ضخمة تودى بحياة المئات من المواطنين كان علينا أن نستبق الأحداث ونلقى الضوء على واحدة من أخطر المراحل فى رحلات هذه القطارات المهترئة والمكهنة الا وهى المزلقانات.

وللاسف أحدث الإحصائيات الرسمية أثبتت أن مزلقانات السكك الحديد فى مقدمة أسباب ارتفاع معدلات حوادث القطارات بنسبة 40% مؤكدة أن سوء حالة معظم تلك المزلقانات السبب الرئيسى وراء ارتفاع معدل حوادث القطارات، وأثبتت أيضاً أحد دراسات هيئة السكك الحديد أن 500 حادثة تحدث سنويا عند المزلقانات والتى يقوم بفتحها الأهالى على جانبى الطريق المؤدى لسكك الحديد مشيرا الى أن ثلاث أرباع المزلقانات تقع عند تقاطعات الطرق .

1260 مزلقانا على مستوى الجمهورية اكتفت الدولة باستخدام الجنازير و عسكرى مرور إن وجد كحل أمثل للتعامل معها وحتى إن منعت هذه السلاسل عبور السيارات لن تمنع عبور المواطنين.

وأوضحت نتائج التحليل أن 8.11%  من الحوادث كانت نتيجة إصطدام قطارين ببعضهما ونسبة 3.28% كانت نتيجة اقتحام بعض السيارات لمزلقانات السكك الحديد وهى مغلقة، 9.18% بسبب خروج القطار عن القضبان والتى أدت فى معظمها إلى انقلابه، 32% بسبب العبور الخاطئ من أماكن غير قانونية، 5%  وبسبب قفز الركاب من القطار.

ومن ضمن أسباب هذه الحوادث ايضاً تعطل أجهزة الإشارات و أجراس التحذير ويعد هذا أيضاً ضمن مجمل المخالفات التي تقع تحت بند عدم النظام والاهتمام بأمن هذه المزلقانات وحالتها التي لا يرثى لها .

أشهر حوادث المزلقانات هو حادث قطار اسيوط  والذى راح ضحيته 50 طفل من اطفالنا الابرياء الذين لا ذنب لهم غير أنهم يعيشون ضحايا الاهمال والتسيب.

وايضاً حادث قطار مطروح فى يوليو 2008 والذي أسفر عن مصرع حوالى 42 شخصا وإصابة 40 آخرين من مستقلى أتوبيسات الرحلات ، أما داخل محافظة الإسكندرية فكان الحادث عندما اكتسح القطار سيارة ملاكى على مزلقان بمنطقة القبارى فى الرابع عشر من شهر يناير عام  2010 وتسبب فى إصابة ركاب السيارة بإصابات مختلفة وخطيرة، ويبدو أن الحوادث ستظل تتكرر وسيظل نزيف الدماء مستمر رغم كل محاولات المسؤولين الفاشلة لحل هذه الأزمة وحتى محاولاتهم فى بناء كبارى لعبور المارة بعيداً عن طريق القضبان فشل أيضاً لأنهم لم يراعوا فى تصميمها كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، او حتى استخدام الكمبيوتر فى تنظيم الإشارات وغلق وفتح المزلقانات مثلما يحدث فى كل دول العالم .

فقد صممت هذه الكبارى بارتفاع شديد لا يستطيع أحد تجاوزه إلا بعد معاناة شديدة وبالطبع يؤدى هذا إلى لجوء المارة الى المرور من الطريق العام والمخصص للسيارات من فوق القضبان المميتة هرباً من المعاناة التي يواجهونها فى صعود وهبوط هذه الكبارى ولذا أصبح من الواضح أن السبب واحد فى كل هذه الحوادث فعلى الرغم من اختلاف الاماكن والمحافظات وهو سوء حالة المزلقانات وزاد على ذلك عدم التخطيط الجيد فى وضع الحلول المناسبة لهذه المشكلة من قبل هيئة السكة الحديد.

الوزير السابق “محمد منصور” أكد أن مزلقانات القطار فى مصر تحتاج إلى 36 مليار جنيه لحل هذه الأزمة ببناء كوبري فوقها جميعاً، حلاً لم يكن صالحاً بالمرة يؤدي بنا إلى الإحساس بأننا ندور فى حلقة مغلقة لأنه حتى بناء هذه الكباري فوق المزلقانات لم يعد حلاً قاطعاً لهذه الأزمة بل بالعكس أصبح يمثل أهداراً للمال العام.

المزلقانات تحتاج إلى تطوير شامل وغلق الغير صالح والغير ضرورى منها وإنشاء كبارى على أحدث طراز وعمل إشارات وتغيير نظام تشغيلها وجعله يعمل بنظام تحكم فعال وإنشاء بوابات تعمل اتوماتيكيا مع الاجراس والأضواء وتطوير طرق المزلقانات لكي تسهل عبور السيارات من خلاله وزيادة مساحة وعرض هذه الطرق وتحسين  نظام الإضاءة بها لتسهيل الرؤية ليلاً .
هناك العديد من الحلول لإنهاء الأزمة لعلها تنفذ حتى لا نشعر أننا نتعامل مع اختراع أزمة تعيشها مصر وحدها ، فهذه المزلقانات توجد فى جميع دول العالم ويتم التعامل معها بأسلوب متطور يجعلها آمنة دائما حتى لا تهدر أرواح الالاف من الابرياء ، فمتى إذا سننتهي من هذا الكابوس المفزع الذى أصبح وحشاً يلتهم كل من يقترب إليه؟.

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى