أخبار مصر

في بيان شديد اللهجة .. الطيب: توقفوا عن ترديد أكذوبة إلصاق الإرهاب بالإسلام

ببالغ الحزن والآسى نعى الإمام أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ضحايا الهجوم الإرهابي المروع على المصلين بمسجدي نيوزيلندا.
وذكر الإمام الطيب، في بيان أصدره منذ قليل جاء فيه :” إن مذبحة نيوزيلندا وجرائم داعش فرعان لشجرة واحدة رُوِيت بماء الكراهية والعنف والتطرُّف، مؤكدًا أن “هذه المذبحة وراءها عقل بربري وهمجي لا يمكن نسبته للمسيحية التي قد يدعي الإيمان بها”.
وأضاف شيخ الأزهر: “المسلمين وحدهم يدفعون ثمن التطرف اليميني وكذلك التطرف الذي ينسب زورا للإسلام، ويجب تجريم الإسلاموفوبيا والعداء للأجانب ورفع أيِّ غطاءٍ سياسيٍّ أو دينيٍّ عن أصحابها”.
وفي السطور التالية نعرض لكم  نص بيان فضيلة الإمام..
“تابعت ببالغ الألم وعميق الحزن أنباء الهجوم الإرهابي الذي استهدف المُصلِّين الآمنين في مسجدين بمدينة “كرايست تشيرش” النيوزيلندية، أثناء أداء صلاة ظهر الجمعة، ما أسفر عن استشهاد نحو 50 شخصًا وإصابة عدد مماثل، بينهم العديد من الأطفال والنساء، في مذبحةٍ مروعة يجبُ أن تهتز لها مشاعر وقلوب كل ذوي الضمائر الحيَّة في أنحاء العالم؛ لما فيها من انتهاكٍ لحُرمة الدماء المعصومة، وسفكٍ لأرواحٍ بريئة طاهرة كانت تتضرَّعُ لربها في خشوعٍ واطمئنان.
إن تلك المذبحة “الارهابية الشنيعة”، التي حرص مُنفذوها على تصويرها وبثِّها على الهواء للعالم كله، لا تختلف كثيرًا عن مشاهد قطع الرقاب المُروِّعة التي ارتكبتها عصاباتُ داعش الإجراميَّة، فهما فرعان لشجرةٍ واحدة، رُوِيت بماء الكراهية والعنف والتطرُّف، ونزَعت من قلوب أصحابها مشاعرَ الرحمة والتسامح والإنسانيَّة، بل ما كان لهما أن يتوحَّشا بهذا الشكل المُرعِب لولا حساباتٌ سياسيَّةٌ وعنصريَّةٌ ضيِّقة، غضَّت الطرف عن جرائمهما، وسمحت لهما بالانتشار والتوحُّش.
ولعل الذين دأبوا على إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يتوقَّفون عن ترديد هذه الأكذوبة بعد أن ثبت لكلِّ مُنصف مُتجرِّد من الغرَض والهوى أنَّ حادثة اليوم، بكل ما خلَّفته من آلامٍ شديدة القسوة، لم يكن من ورائها عقلٌ منتمٍ للإسلام ولا للمسلمين، وإنَّما وراءها عقل بربري وهمجي متوحش، لا نعرف ما هي دوافعه وعقيدته المنحرفة التي أوحت له بهذه الجريمة النكراء، غير أنَّنا – نحن المسلمين – رغم فاجعتنا التي فتَّتت أكبادَنا لا نستطيع أن نقول كلمةً واحدةً تَدِين المسيحيَّة والمسيح -عليه السلام- والتي قد يدَّعي الإيمانَ بها هذا القاتلُ الأثيم؛ لإيماننا بالفرق الهائل بين الأديان وسماحتها، وبين المتلاعبين بها من تجَّار السياسة وتجَّار السلاح، ولسنا نفهم الفرق بين إرهابٍ يرتكبُه مُنتمٍ للإسلام فيُضاف على الفور إلى الإسلام والمسلمين، وبين إرهابٍ يرتكبه مُنتمٍ إلى أي دين آخر فيُوصف فورًا بأنه متطرف يميني، كما أننا لا نفهم كيف لا يوصف هذا الهجوم بأنه إرهاب ويقال: إنه جريمة.
وخلال البيان تساءل شيخ الأزهر :” ماذا تعني كلمة “التطرف اليميني”؟ ولماذا يدفع المسلمون وحدَهم ثمنَ ما يُسمَّى بـ”التطرف اليميني” وما يُسمونه بالتطرف الإسلامي من دمائهم وشعوبهم وأراضيهم؟ أما آنَ الأوان أن يكفَّ الناس شرقًا وغربًا عن ترديد أكذوبة: “الإرهاب الإسلامي”؟
وأشار الطيب إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا وتيَّارات العداء العنصري للأجانب والمُهاجرين في الغرب لم تحظَ حتى الآن بالاهتمام الكافي، رغم خُطورتها وتحوُّلها في كثيرٍ من الحالات لأعمالِ عُنفٍ وكراهيةٍ مَقِيتة، وهو ما يستوجبُ سرعةَ التحرُّك الفاعل لتجريمها ومُحاصرتها ورفع أيِّ غطاءٍ سياسيٍّ أو دينيٍّ عن أصحابها، مع بذل مزيدٍ من الجهد لتعزيز قِيَمِ التسامح والتعايش والاندماج الإيجابي القائم على المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام الخصوصية الدينيَّة والثقافيَّة.
وأضاف الطيب: “لعلَّه من المهم في هذه اللحظات المؤلمة أن نتذكَّر ما نصَّت عليه “وثيقةُ الأخوة الإنسانية”، التي وقَّعها الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان، في فبراير الماضي، من تأكيدٍ على ضرورة “التحلِّي بالأخلاقِ والتَّمسُّكِ بالتعاليمِ الدِّينيَّةِ القَوِيمةِ لمُواجَهةِ النَّزعاتِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ والصِّدامِيَّةِ، والتَّطرُّفِ والتعصُّبِ الأعمى بكُلِّ أشكالِه وصُوَرِه”، وتشديدها على أنَّ “الإرهابَ البَغِيضَ الذي يُهدِّدُ أمنَ الناسِ، سَواءٌ في الشَّرْقِ أو الغَرْبِ، وفي الشَّمالِ والجَنوبِ، ويُلاحِقُهم بالفَزَعِ والرُّعْبِ وتَرَقُّبِ الأَسْوَأِ، ليس نِتاجًا للدِّين – حتى وإنْ رَفَعَ الإرهابيُّون لافتاتِه ولَبِسُوا شاراتِه – بل هو نتيجةٌ لتَراكُمات الفُهُومِ الخاطئةِ لنُصُوصِ الأديانِ وسِياساتِ الجُوعِ والفَقْرِ والظُّلْمِ والبَطْشِ والتَّعالِي”.
وفي نهاية البيان تقدم “الطيب بخالص التعازي لآسر الضحايا حيث قال: “خالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا وذَوِيهم، ولكلِّ المسلمين في العالم ولذوي الضمائر الحيَّة، وأتضرَّعُ إلى المولى – سبحانه وتعالى – أن يتغمَّد الضحايا بواسع رحمته، ويُدخلهم فسيح جناته، وأن يُنعِم على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يُعِيد لمَن روَّعتهم تلك المذبحةُ النكراءُ السكينةَ والطمأنينة”
وكان عدد من المسلحون شن هجومًا مُميتا على مدينة كرايستشيرش بجنوب نيوزيلندا، ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 49 شهيدا وإصابة العشرات بجروح خطيرة.
وذكر مفوض الشرطة النيوزيلندية، إن الهجوم الإرهابي على المسجدين، مسجد النور ومسجد لينوود في كرايستشيرش كان مُخططًا له بشكل جيد.
حيث أنه قبيل الهجوم بساعات قليلة؛ نشر أحد المشتبه بتورطهم في هجوم المسجدين في نيوزيلندا بيانًا عبر “تويتر”، مكون من 73 صفحة، عرف فيه نفسه بأنه شاب استرالي يُدعى برينتون تارانت، لافتًا إلى أنه استلهم خطته من أندرس بيهرينج بريفيك مرتكب هجمات أوسلو الإرهابية عام 2011.
وأوضح أن إحدى اللحظات التي دفعته إلى التطرف كانت هزيمة زعيم اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن في انتخابات 2017 الرئاسية، وهجوم بشاحنة في ستوكهولم في أبريل 2017 قتل فيه 5 أشخاص بينهم طفلة في الحادية عشر من العمر.pastedImage
وكانت الشرطة النيوزيلندية أعلنت سقوط قتلى وجرحى في إطلاق نار، استهدف مسجدين في مدينة “كرايست تشيرش”.
من جهته دعا مفتي أستراليا ونيوزيلندا يدعو الجالية العربية والمسلمة إلى ضبط النفس، فيما قال وزير الخارجية الإندونيسي: إن “ستة من مواطنينا كانوا في مسجد النور بنيوزيلندا ونجا ثلاثة منهم”.
وقال مفوض الشرطة في المدينة مايك بوش إن أربعة أشخاص اعتقلوا عقب الهجومين “ثلاثة رجال وامرأة”.
وقال شهود عيان لوسائل إعلام محلية إنهم لاذوا بالفرار هربا من إطلاق النار وشاهدوا عددا من المصابين على الأرض خارج مسجد النور، وفق ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى