هل اقتربت مصر من خفض الجنيه رسمياً بعد ارتفاع سعر الدولار بشكل غير مسبوق؟
ارتفع سعر الدولار، بالسوق السوداء في مصر خلال الساعات القليلة الماضية حيث سجل مستويات قياسية، بالتزامن مع استمرار شح العملة الصعبة وزيادة الطلب على النقد الأجنبي.
ويأتي استمرار وزيادة نقص العملة الأجنبية في البلاد، بسبب تجديد الكويت وديعة بقيمة 4 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري عبر شريحتين الاثنين الموافق 13 نوفمبر، حيث تنتهي إحداهما بقيمة مليار دولار في إبريل المقبل، والثانية تكون في سبتمبر 2024.
ويأتي تجديد دولة الكويت لودائعها لدى البنك المركزي في إطار استمرار دعمها لاحتياطيات العملة الصعبة في مصر لمساعدتها على تجاوز أزمة النقص الذي تواجهه منذ فترة طويلة.
وحول هذا الوضع، أشار محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مجموعة إي إف جي هيرميس، في تقرير بحثي حديث إلى أن مصر تحتاج إلى توفير سيولة نقدية أجنبية تتراوح بين 8 و10 مليارات دولار لمواجهة نقص العملات الأجنبية وحتى تستطيع إجراء التخفيض المتوقع في قيمة الجنيه المصري في الفترة المقبلة.
وأوضح التقرير البحثي، أن الحكومة في مصر تعتزم أخذ خطوة تقدمية وتتفيذ توجيهات صندوق النقد الدولي، حيث تعمل على تعزيز مواردها من العملات الأجنبية، كما تقترب من تخفيض جديد لقيمة العملة المصرية مقابل العملات الأجنبية حتى تستطيع الحصول على سيولة نقدية.
يأتي ذلك في ظل اتساع الفجوة بين سعر سهم البنك التجاري الدولي في مصر، وسعر شهادات إيداع البنك في بورصة لندن حيث أن الفارق بينهما كبير، مما يشير إلى أن العملة المصرية مقومة بأعلى من قيمته وتحتاج إلى مزيد من الضعف.
وتعاني مصر من ضغوط ناتجة عن نقص النقد الأجنبي على مدى أكثر من عام ونصف مما أدى إلى انتعاش السوق السوداء للدولار.
يأتي ذلك الارتفاع بشكل غير مسبوق بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بمقدار 22 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الماضي نتيجة لتطورات الحرب الروسية الأوكرانية وما تلاه من ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والأوروبية.
ولمعالجة هذا الوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر، اضطرت الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات مثل تخفيض قيمة عملتها والاقتراض من الصندوق النقدي الدولي وطرح حصص للبيع في شركات حكومية.
في غضون ذلك، توقع الخبير الاقتصادي، في تقريره البحثي أن يصل الدولار إلى مستوى 40 جنيها للدولار الواحد كسعر رسمي في البنوك، مشيرًا إلى أن هذا السعر يعد بمثابة نقطة استقرار نهائية للجنيه.
أكد تقرير هيرميس، على أن استقرار سعر الصرف بأن يصبح ذو مصداقية لا شك أنه سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد، مما سيجذب تدفقات دولارية كبيرة من المستثمرين، كما أن اقتراب الجنيه من مستوى 40 سيجعله عملة منخفضة مما يوفر نقطة جذابة للمستثمرين الأجانب.
من المتوقع أن يؤدي تخفيض الجنيه إلى حدوث تدفقات تتراوح بين 12 إلى 14 مليار دولار إلى النظام المالي الرسمي، حيث يتجه الأفراد إلى الوسائل الآمنة والمتمثلة في السوق الرسمية، ومع إضافة تحويلات المصريين في الخارج على ذلك فإنه قد يصل قيمة التدفقات إلى 20 مليار دولار.
نصح تقرير هيرميس السلطات في مصر بسرعة التحرك واتخاذ الإجراءات من خفض قيمة الجنيه وتحرير سعر الصرف، محذرًا من أن الانتظار لفترة طويلة يمكن أن يزيد من المخاطر.
وفي الوقت نفسه، يتم تداول شهادات إيداع البنك التجاري الدولي خلال الساعات الماضية في بورصة لندن (LON:LSEG) عند 1.24 دولار، مما يشير إلى أن الدولار مقوم بحوالي 57 جنيهًا للدولار الواحد، وفقًا للبيانات المتاحة على موقع إنفستنغ السعودية.
ويوم الأحد الماضي، أعلن البنك المركزي المصري أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي انخفض إلى 38.1% في أكتوبر بالمقارنة مع 39.7% في سبتمبر. فيما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تباطؤ معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 35.8% في أكتوبر انخفاضا من 38% في سبتمبر الماضي.
يذكر أن سعر الصرف الرسمي للدولار ظل ثابتا في البنوك عند حوالي 30.90 جنيهًا، بينما يتم تداول الدولار بالسوق السوداء في مصر بالقرب من مستوى الـ 50 جنيهًا للدولار.
وبشكل عام يتراجع الدولار، والعملات الأجنبية، في السوق السوداء كلما كانت هناك أنباء مطمئنة حول وضع الاقتصاد المصري، حيث يرتفع العرض و الطلب في حال صدور توقعات من مؤسسات وبنوك دولية إيجابية بشأن مستقبل الجنيه، والعكس صحيح، يرتفع سعر الدولار والعملات الأجنبية ويزداد الطلب كلما كانت الأنباء سلبية وغير مطمئنة بشأن الاقتصاد ومستقبل الجنيه.