أخبار الاقتصاد

عملة موحدة جديدة.. “بريكس”.. تكتل اقتصادي لكسر هيمنة الدولار علي الاقتصاد العالمي

محاولات دول كبرى للتخلص من سيطرة الدولار كعملة احتياطية عالمية، ورغم مجهوداتها طويلة الأمد، إلا أن نفوذ الدولار في الاقتصاد العالمي ظل متجذرًا. الآن، يواجه تحالف “بريكس” التحدي بالتصدي لهذه الهيمنة المستمرة، وذلك بعد تصاعد الضغوط نتيجة العقوبات الأمريكية على روسيا بسبب أحداث أوكرانيا.

يمثل استمرار هيمنة “الوحش الأخضر”، أي الدولار، تهديدًا وجوديًا لروسيا والشريكة الصين، خصوصًا بعد تداعيات الصراع الأوكراني والتأثيرات الاقتصادية الناجمة عنه. من هنا نشهد تعزيز تحالف “بريكس”، الذي تم عقده في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، حيث يسعى هؤلاء البلدان لبناء نظام اقتصادي جديد لا يعتمد بشكل حصري على الدولار لاتخاذ القرارات الاقتصادية العالمية.

بدأت “بريكس” كتجمع لأربع دول هي الصين والبرازيل والهند وروسيا في عام 2009، وانضمت جنوب إفريقيا إليهم في عام 2010. صاغ جيم أونيل، الرئيس السابق لإدارة الأصول في “غولدمان ساكس”، مصطلح “بريكس”، وهو اختصار للدول الأعضاء الأصلية.

على مر السنوات، اتخذ هذا التحالف أهمية متزايدة. إذ يضم مليارات الأشخاص عبر قارات متعددة ونسبة كبيرة من السكان العالمي. تتشارك هذه الدول رفضها للنظام العالمي الذي يخدم مصالح القوى الغربية، وتمثل حوالي 25.7% من الناتج العالمي.

تحاول “بريكس” تقوية وجودها الاقتصادي من خلال تسهيل التجارة بالعملات المحلية بدلاً من الاعتماد الكامل على الدولار. وقد زادت المبادلات التجارية بين أعضاء التحالف بنسبة كبيرة، وتم مناقشة إمكانية إنشاء نظام مدفوعات وعملة مشتركة في القمة الأخيرة.

ومع ذلك، تواجه “بريكس” تحديات متعددة، بما في ذلك قوة الدولار كعملة عالمية واعتماده في التجارة العالمية. كما تواجه تحديات سياسية داخلية نتيجة اختلاف وجهات نظر الدول الأعضاء. على الرغم من ذلك، تبقى أملًا في أن التوسع وانضمام دول جديدة، مثل السعودية، قد يعزز من تأثير “بريكس” ويساهم في تغيير نظام العملات العالمي.

التحالف “بريكس” يواجه تحديات متعددة تهدد استقراره وتأثيره المستقبلي. أحد هذه التحديات هو القوة الاقتصادية الهائلة التي يحملها الدولار، إذ يستخدم في معاملات العملات عالميًا بنسبة تقارب 42% وهو معيار للتجارة الدولية. ويتطلب تغيير هذا الوضع تحركات محكمة وتعاون دولي متين لتطوير بنية تمويل وتداول بديلة.

عمومًا، تظهر “بريكس” كقوة اقتصادية ناشئة تسعى لتقليص الاعتماد على الدولار من خلال تعزيز استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري بين دولها الأعضاء. على سبيل المثال، تزايدت المبادلات التجارية بينهم بنسبة 56% خلال السنوات الخمس الماضية، مما يشير إلى التقدم المحقق في هذا الجانب.

تعزز القمة الأخيرة للتحالف النقاشات حول إنشاء نظام مدفوعات وعملة مشتركة، وهو ما يعكس التحول نحو استخدام العملات المحلية بشكل أكبر في التبادل التجاري بين الدول الأعضاء. إذا تم تحقيق هذه الخطوة، قد يساهم ذلك في ضعف سيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي.

من الجدير بالذكر أن تحقيق هذه الأهداف ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب تعاونًا وتنسيقًا وتفاهمًا عميقًا بين الدول الأعضاء، وتجاوز التحديات والمخاوف السياسية والاقتصادية المحتملة.

على الرغم من التحديات، تبقى أملًا في أن تحالف “بريكس” قد يكون له تأثير متزايد على الاقتصاد العالمي ويمهد الطريق لنظام اقتصادي عالمي جديد، يتيح للدول أكبر حرية في اتخاذ القرارات المالية بما يخدم مصالحها الوطنية. تحقيق هذه الأهداف يعتمد على قوة الارتباط بين الدول الأعضاء وقدرتها على تجاوز التحديات بشكل مشترك.

تحقيق أهداف “بريكس” وبناء نظام اقتصادي عالمي جديد يعتمد أيضًا على معالجة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الدول الأعضاء. من بين هذه التحديات:

التباين الاقتصادي: تختلف اقتصاديات الدول الأعضاء في “بريكس” بشكل كبير، بدءًا من حجم الاقتصاد وانتشار الثروة وحتى مستويات التنمية. لذا، يجب تجاوز هذا التباين من خلال تنسيق الجهود وتبادل الخبرات لتحقيق التنمية المستدامة.

التحديات الجيوسياسية: تتعرض “بريكس” لضغوط جيوسياسية من قبل دول أخرى، وهو ما يمكن أن يؤثر على تماسك التحالف. يجب توجيه الجهود نحو تعزيز الوحدة الداخلية والتفاهم المشترك للتصدي لهذه التحديات.

التحديات الاقتصادية العالمية: تأثير الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية يمكن أن يلقي بظلاله على تحقيق أهداف “بريكس”. يجب تطوير استراتيجيات متعددة لمواجهة التقلبات الاقتصادية وضمان استدامة النمو.

تحقيق التوازن الداخلي: ينبغي للدول الأعضاء السعي لتحقيق التوازن بين تطوير اقتصاداتها وتحقيق توزيع عادل للثروة بين شرائح المجتمع. هذا يشمل التركيز على قضايا الفقر والتحديات الاجتماعية.

التعاون الدولي: لتحقيق نجاح “بريكس” في تغيير نظام العملات العالمي، يجب تعزيز التعاون مع دول أخرى ومؤسسات دولية. التفاهم والحوار مع الجهات المعنية يمكن أن يسهم في تجاوز العقبات وبناء التحالف.

في النهاية، يُظهر “بريكس” تحولًا هامًا في توجهات الاقتصاد العالمي، ويمكن لتحقيق أهدافه أن يكون له تأثير إيجابي على التوازن الاقتصادي والسياسي العالمي. ومع مرور الوقت، سيتضح مدى قوة وتأثير التحالف في تحقيق هذه الأهداف وبناء نظام اقتصادي جديد يلبي مصالح الدول الأعضاء والعالم بأسره.

مصر 365 على أخبار جوجل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى