توقعات بارتفاع سعر الدولار لمستوي قياسي جديد خلال أيام.. وهذه أهم العوامل
صرح العديد من المصرفيون أنه من الصعب خلال الفترة الراهنة توقع المستوى المتوقع لأداء الجنيه مقابل الدولار على المدى القصير، وأكدوا أن العامل الرئيسي لحسم مصير الجنيه مقابل سعر الدولار على المدى القصير يتمثل في العرض والطلب بشكل أساس، وهو ما يتوقف على مستوى تدفقات العملات الأجنبية للبلاد مقابل الاستخدامات.
وذكر المصرفيون، أن هذا يأتي في إطار إتباع البلاد آليات سعر صرف مرنة منذ أكتوبر السابق 2022 تنفيذًا للاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي، وأشاروا لوجود العديد من العوامل الاقتصادية الأخرى التي لها دور مؤثر في تحديد سعر صرف الجنيه مقابل سعر الدولار.
ويجدر هنا الإشارة إلى أن تلك التصريحات التي أعلنها المصرفيون بعد أيام من إصدار البنك الفرنسي “سوسيتيه جنرال” تقريرًا، توقع البنك خلاله هبوط سعر صرف الجنيه بنسبة 10% خلال الفترة الراهنة وحتى نهاية مارس القادم 2023، ليسجل سعر الدولار مع نهاية الربع الأول من العام الحالي 34 جنيه، وذلك في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتثبيت البنك المركزي المصري للفائدة وانخفاض التدفقات الدولارية.
فمنذ شهر مارس السابق 2022، بدء سعر صرف الجنيه المصري في التراجع بشكل كبير ومستمر مقابل العملات الأجنبية حيث ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة 95%، حيث سجل متوسط سعر البيع بمعاملات البنوك 30.66 جنيه خلال الفترة الراهنة من سعر 15.76 جنيه منذ 20 من مارس السابق 2022.
زاد من هذا التراجع الكبير في أداء الجنيه التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية التي أدت لخروج التدفقات الاستثمارية الأجنبية الغير مباشرة من البلاد خلال النصف الأول من العام السابق 2022.
عامل مؤثر في أداء الجنيه مقابل الدولار
صرح الخبير المصرفي محمد عبدالعال، أن مصر خلال الفترة الراهنة تتبع سياسة سعر صرف مرن وليس مدار، لهذا فإن هبوط وصعود الجنيه من الأمور الغير متوقعة، حيث أنها تخضع لسياسة العرض والطلب بدون أي تدخل من المركزي أو غيره من البنوك الأخرى، وأكد أنه من الصعب خلال تلك الفترة توقع سعر صرف محدد للدولار مقابل الجنيه على المدى القصير.
وأشار إلى أن زيادة التدفقات الدولارية من الموارد الرسمية للبلاد المتمثلة في تحويلات المصريين من الخارج أو الاستثمارات السياحية أو صادرات الغاز الطبيعي ستنعكس بشكل إيجابي على قوة الجنيه مقابل سعر الدولار أو العكس حيث سيرتفع الدولار في حالة زيادة الطلب على الدولار مقابل نقص المعروض.
ويجدر هنا الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري أقر سعر صرف حر للجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى منذ أكتوبر العام السابق، مما يعني أن تحديد سعر الجنيه مقابل الجنيه يخضع للعرض والطلب بدون أي تدخل، جاء تحرك الجنيه الأول خلال العام السابق في أواخر شهر مارس 2022 تزامنًا مع دخول مصر في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لسد الفجوة الدولارية وعجز الموازنة، وذلك في إطار تعاون صندوق النقد الدولي في برنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
وبشكل فعلي أعلن المركزي المصري عن إتباع سياسة سعر صرف مرنه منذ أكتوبر السابق، بعد أن أعلن النقد الدولي عن موافقته المبدئية على ضخ قرض لمصر بقيمة 3 مليارات دولار يتم صرفها على مدار عمر البرنامج البالغ ما يقرب من 3 سنوات و10 أشهر.
وأقر النقد الدولي موافقته بشكل نهائي على القرض لمصر منذ منتصف ديسمبر السابق 2022، بعد أن اطمأن لاتباع مصر سياسة سعر صرف مرن حيث خرج ببيان مشيدًا بهذا وأكد في نفس الوقت على أهمية الاستمرار في هذا الالتزام ليتحول إلى التزام بشكل دائم.
كما صرح المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي للاستثمارات المالية محمود نجلة، أن البنك الفرنسي “سوسيتيه جنرال” اعتمد في توقعاته التي نشرها في تقريره على سعر صرف الجنيه مقابل سعر الدولار على عوامل نظرية تقوم على التضخم وسعر الفائدة فقط، وليست عوامل عملية تقوم على الافتراض الأساسي لتحديد سعر الصرف وهي آلية العرض والطلب.
وأضاف نجلة، إلى أن المعلومات المتعلقة بالعوامل الرئيسية في تحديد قيمة الجنيه مقابل سعر الدولار على المدى القصير قد لا تكون واضحة مقابل أي بنك أو أي خبير أو محلل اقتصادي خلال الوقت الراهن سوى المركزي الذي يرى الصورة كاملة بناءًا على حجم البيانات المتعلقة بالطلبات والتدفقات من العملة.
أدى نشر تقرير البنك الفرنسي لنشر حالة سلبية لدى البعض، بعد توقعه مزيد من تراجعات الجنيه المصري خلال الفترة القصيرة القادمة بالإضافة لخلق المزيد من الضغوط على متخذي القرارات وسط احتمال غير مؤكد بحدوث هذا التراجع تبعًا لما أعلن عنه الخبراء.
العلاقة بين ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة
يؤثر على سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية عاملان آخران وهما:
- معدلات التضخم القائمة، والتي تدل على وجود ارتفاع في الأسعار سواء لأسباب خارجية أو داخلية مما ينعكس بشكل سلبي على انخفاض قيمة العملة.
- سعر الفائدة، الذي يعد أحد أدوات المركزي المصري لكبح معدلات التضخم الاقتصادي المرتفعة مما يساهم في زيادة التدفقات النقدية الأجنبية.
وأشار نجلة، أن البنك الفرنسي “سوسيتيه جنرال” بنى توقعاته بشأن سعر صرف الجنيه مقابل سعر الدولار على فرضية اتجاه المركزي المصري بأخر اجتماع له لتثبيت أسعار الفائدة في ظل ارتفاع معدلات التضخم الاقتصادي، وهو ما أدى للمزيد من تراجع سعر صرف الجنيه مقابل سعر الدولار وهي توقعات صحيحة من الناحية النظرية وعلى المدى الطويل في حالة عدم ظهور أي مستجدات قد تؤدي لتحسين أوضاع التدفقات النقدية.
وأضاف إلى أن آلية تحديد سعر صرف العملة مقابل العملات الأخرى بين البلاد تعتمد على سعر صرف حر يقوم على معادلة حسابية معروفة وهي احتساب سعر الفائدة مقابل معدلات التضخم الاقتصادي، ففي حالة زيادة معدلات التضخم مع عدم وجود عائد حقيقي على المدخرات بالبنوك ينعكس هذا على سعر الصرف الحقيقي للعملات.
وأضاف محمود نجله، إلى أن قرار تثبيت أو رفع أسعار الفائدة يرجع للبنك المركزي المصري ويخضع لتحديده موائمات مختلفة بناءًا على البيانات المتاحة بشكل أكثر وضوحًا وكذلك على حسب الأولويات الاقتصادية.
تسارعت وتيرة زيادة معدلات التضخم الاقتصادي خلال الأشهر الأخيرة وتأثرًا بتداعيات انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع أسعار السلع العالمية خصوصًا خلال الأشهر الأولى للحرب الروسية الأوكرانية.
وبحسب البيانات الرسمية التي أعلن عنها البنك المركزي المصري ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي المعد من قبل البنك من نسبة 7.2% خلال شهر فبراير السابق لمستوى 31.2% خلال شهر يناير 2023 وهو أعلى مستوى له في 6 سنوات تقريبًا.
كما ارتفع معدل التضخم السنوي العام بالمدن، والمعد من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من نسبة 8.8% خلال فبراير السابق 2022 لنسبة 25.8% خلال يناير السابق.
ومن أهم الأهداف التي تسعى لتحقيقها لجنة السياسة النقدية بالمركزي المصري كبح جماح معدلات التضخم الاقتصادي المرتفعة والسيطرة على وتيرة زيادة الأسعار لتحقيق الاستقرار الاقتصادي داخل السوق المحلي واستيعاب الضغوط التضخمية التي تعاني منها البلاد.
لهذا أعلن المركزي عن المستهدفات الجديدة لمعدلات التضخم الاقتصادي مع نهاية العام السابق عن نسبة 7% ” ±2%”، في المتوسط خلال الربع الرابع من العام القادم 2024، مستهدفًا تراجعه لنسبة 5% ” ±2%” في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
ويرى محمد عبدالعال، أن تلك العوامل سالفة الذكر تعد من أهم العوامل التي ستساهم في تعزيز قوة الجنيه مقابل سعر الدولار، ولكن تكلفة خفض معدلات التضخم الاقتصادي المرتفعة متمثلة في رفع سعر الفائدة وطرح شهادات مرتفعة العائد وإطلاق العديد من المبادرات بفائدة مدعمة ستؤدي لتقليل التكلفة على المنتجين خصوصًا العاملين بالقطاع الخاص.
وأكد أن ارتفاع معدلات التضخم تخلق ضغوط اقتصادية قوية على الجنيه بسبب ارتفاع الأسعار، ولكن المركزي المصري يستطيع مواجهته بما يمتلكه من مختلف الأدوات التي تتمثل في زيادة الاحتياطي الإلزامي النقدي ورفع أسعار الفائدة.
ولجأ المركزي المصري لزيادة سعر الفائدة خلال العام السابق 4 مرات بمجموع 8% كان أخرها بنسبة 3% خلال ديسمبر السابق ليصل سعر العائد لنسبة 16.25% بالنسبة للإيداع وبنسبة 17.25% على الإقراض لكبح جماح معدلات التضخم الاقتصادي.
ولكن قام المركزي خلال فبراير السابق 2023 بتثبيت أسعار الفائدة خلال اول اجتماع له خلال العام الجديد على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم، وبهذا القرار خالف كافة التوقعات وسياسات البنوك المركزي الأمريكية والأوروبية التي تنتهج سياسات نقدية متشددة تقوم على رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم.
وطالب الخبير محمد عبدالعال، من الحكومة بأهمية إطلاق توفير التمويلات بفائدة مخفضة بنسبة 11% للقطاع الزراعي والصناعي عبر البنوك بهدف مساعدة السياسة النقدية على تنفيذ مستهدفاتها في كبح معدلات التضخم دون القلق من زيادة عبء الإقراض الذي ينعكس بدوره على زيادة الأسعار وارتفاع معدلات التضخم.
برنامج الطروحات
أعلنت مصر عن طرح 32 شركة تمتلكها البلاد قبل أسبوعين بشكل كلي أو جزئي للبيع في البورصة أو لمستثمرين استراتيجيين بهدف سد الفجوة سعر الدولار المقدرة بحوالي 17 مليار دولار خلال 4 سنوات تبعًا لتقديرات النقد الدولي خلال تقريره الأخيرة بشأن تفاصيل القرض المقدم لمصر لإتاحة الفرصة لدور أكبر للقطاع الخاص في المشاركة في الاقتصاد المحلي.
وتوقع محمد عبدالعال، نجاح برنامج الطروحات الحكومية ببعض الشركات لجذب المستثمرين الخليجيين بالتعاون مع النقد الدولي مما يساهم في وجود سيولة دولارية تحقق استقرارًا بسعر الصرف.
وأعلن محمود نجلة، أن دخول الاستثمارات بطريقة مباشرة من خلال شراء أصول مملوكة للبلاد سيعزز من زيادة الموارد الدولارية للبلاد مما يساهم في قوة أداء الجنيه مقابل سعر الدولار بشرط عدم وجود طلبات أو ضغوط كبير مثل ارتفاع طلبات الاستيراد.
ترشيد الاستيراد يساهم في تخفيف الضغط على العملات الأجنبية
أعلن الخبير محمد عبدالعال، أن ترشيد عمليات الاستيراد ساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على العملات الأجنبية أو استنزافها، إلى جانب تحقيق توازن بين العرض والطلب مما ساهم في استقرار سعر الصرف على المدى القصير في حالة ثبات جميع العوامل.
إقرأ مراجعة صندوق النقد وهبوط جديد للجنيه.. أسباب تجعل شهر مارس شهر حاسم لاقتصاد مصر